فالأرض بأكنافها الواقعية والتاريخية كتاب مفتوح ... لكل سائر فيها ، وهي من الآيات الآفاقية القريبة إلينا فلما ذا التغافل عنها؟ ثم وأرض القرآن أصدق عرض لتأريخ الغابرين (١) تجاوبا رائعا بين أرضي التدوين والتكوين في ذلك العرض المتين!
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً)(٤٥).
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (١٦ : ٦١).
«ولو» عرض لواقع استحقاق عذاب الظالمين ومداه ، (يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا) ـ بظلمهم» مؤاخذ العقاب ، لا ـ فقط ـ العقاب ، فانه ملئ الكتاب ، فلو جعل الله دار العمل هي دار الجزاء (ما تَرَكَ ..).
وترى هؤلاء الظالمون يؤاخذون فما بال غير الظالمين من الناس وما بال سائر الدواب على ظهر الأرض؟!
إنه بالنسبة لغير الظالمين فتنة غير عذاب ، ولهم عذاب فوق
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ٣٦٧ ـ القمي عن الكليني بسند عن أبي الربيع الشامي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (قُلْ سِيرُوا ..) فقال : عنى بذلك انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم وما أخبركم.