الفطرة والعقل هما الظرفان الظريفان الطريفان لقبول الإيمان ، دون الفطرة المحجوبة والعقل المكسوف بطوع الهدى ، الذين يعيشون كفرا مطلقا قاصدا معاندا ف (وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ)!
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ)(٧٣).
ترى ما هو موقف الواو في «أولم يروا» ولا معطوف عليه مذكورا قبله؟ إنها سائر الآيات آفاقية وأنفسية ، مشهودة لهم مرئية ، لا غائبة ولا بعيدة ، ولا غامضة غير مفهومة ، فإذا لم يروها ، ألّا مساس لهم بها حتى يفكروا فيها ، أم رأوها ولم يعتبروا بها ، «أو لم يروا» ما ينتفعون بها في حياتهم الحيوانية (أَنَّا خَلَقْنا) بجمعية الصفات حيث هناك جمعية الواجهات في نعمات «لهم» في اختصاص فانتفاع (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) من ماء وتراب أمّاذا من مخلوقات حيث عملتها أيدينا ، قدرات حسب مختلف النعمات (خَلَقْنا لَهُمْ ... أَنْعاماً) : جمع النعم وهي الدابة المحلّل أكلها ثمانية أزواج : (... وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ ...) (٣٩ : ٦) ومع أنها من خلق الله وملكه حقا (فَهُمْ لَها مالِكُونَ) ملكا مجازيا مستخلفون فيه ، وهذه من آيات الملكية الخاصة وطبعا بشرائطها العادلة. منحة ربانية وهبة إلهية مما عملته الأيدي الربانية ، فأصبحت أيادي لهم مملوكه ، هم مستخلفون فيها ابتلاء. والتفريعة في «فهم» تفريعة لرحمة الله ، وتقريعة عليهم كيف هم يكفرون بنعمة الله (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها).
ثم وليس مجرد ملكهم إياها ، حيث المستعصي على مالكه نقمة بدل كونه نعمة ، ولكنا (وَذَلَّلْناها لَهُمْ) ذلّا دون شماس ، وذلا بكل احتراس (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً) (٦ : ١٤٢)(وَمِنْها