السؤال حول اصل الاحياء ، استأصله «الذي خلقها أول مرة» وإن كان حول : من يجمع ذرات العظام وسائر البدن المتفرقة هنا وهناك ، عاد نفس الجواب «الذي خلقها أول مرة» حيث النطفة مجموعة من متفرقات عن مواد شتى ، فانها أمشاج (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ ...) (٧٦ : ٢).
وقد يعني ضرب العظام مثلا وهي رميم ، الأجزاء الأبعد عن الحياة في بعدي بعدها عن الحياة أوّلا ، ورمّتها أخيرا ، ولكن (نَسِيَ خَلْقَهُ) أوّلا أن أجزاء النطفة كانت أرمّ من الرميم وأبعد من ذلك البعيد (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) حيث الخلق في مراتبه أمثال في كونه خارقة إلهية ، فلا تختلف صوره في قدرته تعالى حتى إذا كانت هيّنة وأهون وصعبة وأصعب بالنسبة للقدرات المحدودة ، فانها سواء بجنب القدرة اللّامتناهية الإلهية ، فلا صعب عنده وأصعب ولا هيّن وأهون ، فالكل لديه هيّن ، ف (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)!
هنا مراتب ثلاث من الخلق كل لاحق أهون من سابقه وثالثها الإعادة يوم المعاد ، وقبلها الخلق من نطفة يوم الدنيا ، وأولاها خلق المادة الأولية لا من شيء و «إن الذي أنشأه من غير شيء وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه» كما في حوار الامام الصادق (عليه السلام) (١) أجل و : (خلقها قبل أن تكون أعجب من إحيائها وقد
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٩٤ ـ ٨٧ في كتاب الاحتجاج للطبرسي في احتجاج أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال السائل : أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه ام هو باق. قال : بل هو باق الى وقت ينفخ في الصور فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس ثم أعيدت الأشياء ، كما بدأها مدبرها وذلك اربعمائة سنة يسبت فيها الخلق وذلك بين النفختين ، قال : وأنّى له بالبعث والبدن قد بلى والأعضاء قد تفرقت فعضو ببلدة يأكله سباعها وعضو بأخرى تمزقه هوامها وعضو قد صار ترابا يبنى به مع ـ