جزاءه الأوفى ، والأجزاء الدخيلة هي بين أصيلة لآخرين فلآخرين ، أم دخيلة على أية حال فلا تعاد لا مع الأولين ولا الآخرين.
ولأن دار الجزاء هي دار البقاء ، فلتكن الأجزاء قابلة لذلك البقاء ، كما هي قابلة للجزاء ، والقول إن الخليّات كلها تتبدل سنين بعد سنين فلا أجزاء أصلية منها دون تبدل كما أثبته علم الفيزيولوجيا الإنساني! إنه تخرّص بالغيب مبني على ما يرى من تبدّلات ، ولكنها لا تستقصي كلّ الأجزاء ، فكما الروح لكل إنسان هو روحه مدى حياته ، كذلك أجزاءه الأصيلة هي أجزاءه مدى حياته ، وهي التي يحشر بها ، ففي الحياة الدنيا هي باقية لكل إنسان حيث يعمل ـ كل ما يعمل ـ بها ، ثم بعد الموت هي في قبضة ملك الموت مهما انتشرت وانتقلت إلى اشخاص آخرين ، إذ لا تصبح من أجزائهم الأصيلة ، ولكل إنسان نصيب يخصه من أجزاء هي المعاد في المعاد بأمثال الصور التي ماتت عنها.
وليس من الممكن استقصاء كافة الخليات بتبدلاتها وتحولاتها فضلا عن تفلّتها كلها في سنين يدّعونها! وفصل القول حول كيفية المعاد وكمية المعاد يأتي في طيات آياتها الأحرى بالتفصيل إن شاء الله تعالى.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (٨٠).
فأين الشجر الأخضر المنملي من الماء؟ وأين النار المبخّرة للماء ، والماء المطفي للنار؟ وقد جمعها الله في الشجر الأخضر : (فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ)! وليس حصول الحياة في الميت الذي كان حيا ثم مات بأبعد من شعلة النار المتخرجة من الماء وهما متضادان وهذان متلائمان والله (بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) صعبا وأصعب وهيّنا وأهون في كل ما دق وجل