وعلّ المقصود من هذا (الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ) شجر المرخ والعقار ، تشتعلان باحتكاك أحدهما بالآخر أو بنفسه بعضه ببعض ، شجر أخضر ريّان بالماء يصبح نارا ، ووقود نار مع اللّدونة والاخضرار ، يا لها من عجيبة في الخلق وأعجب من إحياء الموتى ولا سيما في الخلق الثاني ، (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ... بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ)!
وكما الشجر الأخضر يحوي نارا ، فشجرة الإنسان الخضراء قد تحوي نارا بما يعارض شرعة الله ، ثم الله يجعلها نارا في الأخرى أم وقود نار (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) (٣ : ١٠) كما وقد تحوي نورا بما تطبّق شرعة الله.
(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)(٨١).
أليس الذي خلق المادة الأولى لا من شيء ثم بدأ خلقكم (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ)؟ عطفا على ألوان من الخلق أصعب عن الإعادة.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً) (١٧ : ٩٩) (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ. عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) (٥٦ : ٦١) (١) إنّ خلق المثل هو الإعادة في المعاد ، حيث المعاد ليس عين البدن بصورته الأولى ، بل هو هو بصورة ثانية كالأولى ، وكما تعنيه آيات تبديل الأمثال أنه يبدّل أجسادكم أمثالها في
__________________
(١) راجع تفسير الآية في ص ٨٧ ـ ٩٢ ج ٢٧ الفرقان.