الصورة مهما كانت من أعيانها في المادة ، وحدة عينية في أصل المادة البدنية ، وأخرى صورية مماثلة للأولى ، فلا يعني مثلهم أعيانهم أو أشباههم في الأولى إذ لم ينكروا خلقهم فيها ، ولا أعيانهم في الأخرى حيث المعاد فيها يختلف عن الأولى لأقل تقدير (١) في عين الصورة ، فليس إلّا مثلها ، أن تعاد الأجزاء الأصيلة لكل إنسان في مثل صورته التي ماتت عنها والروح هو الروح ، فالشيء الثاني قد يكون ضد الأول فليس ـ إذا ـ إعادة للأول ، أم مثله في الصورة أو المادة أم فيهما كلا أو بعضا ، فهو إعادة للأول صورة أم مادّة أم فيهما ، وأما أن يكون عينه؟ فلا! حيث العين لا يتعدد ، إذ التعدد بحاجة ضرورية إلى ميّزة ما بينهما ولا ميّزة بين الشيء وعينه ، بل لا بين هنا حتى نفتّش عن الميّزات.
ف «إعادة المعدوم مما امتنعا» ـ كقاعدة فلسفية قطعية ـ لا تشمل المعاد حسب القرآن ، حيث المعاد في المعاد إنما هو إعادة الروح في المادة الأصيلة البدنية بمثل الصورة التي مات عنها ، فلا يعاد الروح بعينه لأنه لا يموت حتى يحيى مرة أخرى إلا عن غشوة تعتريه في النفخة الأولى ، ولا تعاد الأجزاء الأصيلة إذ لم تنعدم ، ولا تعاد عين الصورة التي زالت ، وإنما يعاد الروح إلى الأجزاء الأصلية بعد فراقها ، ويخلق مثل الصورة الأولى ، ومحطّ الجزاء الوفاق في الأصل هو الروح ، والروح هو الروح نفسه ، وفي الفرع هي الأجزاء الأصلية التي بها يعاقب الروح ويثاب والأجزاء هي الأجزاء ، ثم لاجزاء للصورة حتى يقال إنها فاتت ، والمخلوقة ثانية ليست هي هيه ، وإنما مثلها ، والجزاء العدل هو الوارد على عين الكائن العامل
__________________
(١) وفي تقدير آخر في كمية المادة كما فصلناه في الواقعة.