في ذلك الختام لعرض من رزق معلوم للمخلصين ، هم يعتبرون مكانتهم قمة عليا يحتذى بها ويقتدى ، ف ـ «العاملون» تستغرق كل العاملين لله ، ولو كان فيهم من هو أرقى وأحرى بالقمة العليا ، لكان (لِمِثْلِ هذا) خطأ في عمومها!
(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ)(٦٢).
«أذلك» الرزق المعلوم (خَيْرٌ نُزُلاً) : تقدمة الضيف النازل ، ونزولا في يوم الله إلى دار الله (أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) وهي من الشجرة الملعونة في القرآن : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ ... وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) (١٧ : ٦٠).
والزقوم هي شديدة الكراهية الكريهة النتنة العفنة ، وفي سائر القرآن ثالوث من ذكرى أليمة من الزقوم ، هذه و (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ ، كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) (٤٤ : ٤٣) (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ. لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ. فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ. فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ. فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ. هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ)(٥٦ : ٥٦) (١).
وللزقوم جرس اللفظ المعلن لجرس المعنى وملمسه ، كريه بأشدّه وشائك في أشدّه ، بعيد عن التصور ، ناء عن التصديق ، فهو أكره طعام وأنتنه ، ياتي في ثالوث الآيات وثالوث الصفات :
(إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ)(٦٥).
__________________
(١) راجع تفسير آيات الواقعة في ج ٢٧ ص ٨٠ وآيات الدخان في ج ٢٥.