في الإيمان ، فلم ينج فيمن نجّي ابنه وامراته وهما أقرب أهله نسبيا ، وقد نجّي من آمن به مهما كانوا أبعد عنه في النسب ، فإنما الأهل هنا أهل الإيمان ، سواء فيهم أقاربه وأغاربه : (قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ) (١١ : ٤٠) (فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ. قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (١١ : ٤٦).
ترى وإذا كان أهله أعم من ذريته فما ذا تعني (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) وابنه من ذريته وقد هلك ، والمؤمنون القلة غير ذريته وقد بقوا؟
فهل هم ذرية الإيمان كما أهله؟ فلما ذا التحول من «أهله» إلى «ذريته»؟ علّها تعني ذرية أهله فإنهم ذريته إيمانيا كما هم أهله : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) فلم يكن الباقون بعد طوفان نوح إلّا من انتسل من أهله وذريته المؤمنين وسائر من آمن معه (١).
وعلّ من آمن معه كانوا هم أو أكثرهم من ذريته ، ف ـ «أهلك» في يونس مقابل «من آمن» تعني الأقربين ، والآخرون هم سائر ذريته! (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٤٠٥ ح ٣٦ علي بن ابراهيم في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية يقول : الحق والنبوة والكتاب والايمان في عقبه وليس كل من في الأرض من بني آدم من ولد نوح قال الله عز وجل في كتابه (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) وقال الله عز وجل ايضا (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ).
(٢) الدر المنثور ـ اخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سمرة بن جندب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية قال : سام وحام ويافث ـ أقول وقد اخرج ما في معناه جماعة آخرون عن سمرة وأبي هريرة.