أم إن المحمولين معه كانوا من ذريته وغيرهم ، ولكنما الباقين لم يكونوا إلّا ذريته مهما شملتهم النجاة عن الغرق؟ فلما ذا اختصاص البقاء ببعض المحمولين ولم يختصوا بالإيمان ، وعلّ منهم من كان أفضل من ذريته؟ علّهم ماتوا في السفينة فلم تنسل لهم ذرية وكما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في روايات عدة ، وهي توافق ظاهر آية الذرية.
ترى وماذا ترك عليه في الآخرين؟ ومن هم أولاء؟
علّ الآخرين هم سائر حملة الدعوة الرسالية بعد نوح من إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بينهم ، وقد ترك الله وخلّد دعوته العالمية بين سائر الخمسة الذين دارت عليهم الرحى ، فربط بينهم برباط الدعوة الوحيدة الموحدة ، أو يعني (تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ترك الدعوة ضده لمكان «على» وكما ترك عليه سلاما في الآخرين.
(سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ)(٨٢).
فسلام عليه دائب في العالمين إلى يوم الدين دونما انقطاع لذكراه المجيدة الوطيدة الصامدة فإنه أوّل من انتهض في دعوة باهضة فائزة ، بمقاساة أشد البلايا والفتن طول الدعوة ، فله نصيب من كل خير وسلام إلى يوم القيامة!
وإنه سلام من الله ومن أهل الله (فِي الْعالَمِينَ) من الملائكة والجنة والناس أجمعين أم أيا من المكلفين ، (إِنَّا كَذلِكَ) الواسع الفاسح (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ف ـ (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ).