من الروح على فطرته وعقله ، وظاهرة من جسمه بأعضائه ، وقد يحرم آيات أنفسية ويمنح الآفاقية ، فله مجال على أية حال أن يتبصّر ، فإذا حرم الإبصار إلى جمعي الآيات (فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) وصولا إلى حقائق المبصرات مبدء ومعادا ، فيجمدون عليها دون تبصر ، «فمن أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته» وأما إذا اهتدى إليهما ككل فقد هدي إلى صراط مستقيم.
فيا ويلاه إن وصلت حال الإنسان الى هذه الدركات و (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) حيث لا يبقى له منفذ إلى النور ، مقمح في ذاته ، مسدود مغشي عن آفاقه (فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ).
ولقد حصلت شعبة من هذه التعمية على أبي جهل لما أراد ان يدمغ النبي وهو يصلي (١) وعلى قريش لما اجتمعوا ببابه ينتظرون خروجه ليؤذوه (٢) وكذلك على الذين مكروا به (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو منهم ـ فمكر الله والله خير الماكرين إذ قرأ عليهم آية السد فسدّ عليهم فهم لا يبصرون (٣).
__________________
(١) نفس المصدر السابق.
(٢) كما في الدر المنثور ٥ : ٢٥٩ ـ اخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمعت قريش بباب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينتظرون خروجه ليؤذوه فشق ذلك عليه فأتاه جبرئيل بسورة يس وامره بالخروج عليهم فأخذ كفا من تراب وخرج وهو يقرؤها ويذر التراب على رؤوسهم فما رأوه حتى جاز فجعل أحدهم يلمس رأسه فيجد التراب وجاء بعضهم فقال : ما يجلسكم؟ قالوا ننتظر محمدا فقال : لقد رأيته داخلا المسجد قالوا قوموا فقد سحركم.
(٣) نور الثقلين ٤ : ٣٧٧ ج ٢١ القمي في بيان خروج النبي (صلى الله عليه وآله ـ