كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٧).
رغم هذه النعم السابغة ، سابقة ولاحقة ف (إِنْ تَكْفُرُوا) بالله كفرا أو كفرانا (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (١١ : ٥٧) (وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً) (٩ : ٣٩) (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) لا تنقصون منه فتيلا ولا تزيدونه كثيرا ولا قليلا.
فلا شكركم ينفعه شيئا ولا كفركم يضره شيئا (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) (٤٧ : ٣٨) وإنما يأمركم بشكره حيث (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) لا له (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ...) (٢٧ : ٤٠) يرضى شكره لكم طاعة وعبادة لصالحكم أنتم (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) (١٤ : ٨) و «عباده» هنا كل عباده ، لا الشاكرون فقط ، إذ ينقلب إلى عكسه في الكافرين ، فيرضى لهم الكفر ولا يرضى لهم الشكر! وفيه إعذار للكافر في كفره وتركه لشكره ، فإنما المكلف بالشكر هو الشاكر بطبعه لا سواه!
ف (لا يَرْضى لِعِبادِهِ) نفي لرضاه الكفر تكوينا وتشريعا ، ولذلك ينهى عنه على أية حال ، ولكنه ليس ليحملهم على شكره وألّا يكفروا تسييرا حيث التكليف يتطلّب الإختيار.
ثم الرضا والغضب من الله كسائر صفاته ، لا تعنيان فيه تعالى تحوّل الحال ، إذ لا يتغير بانغيار المخلوقين شكرا أو كفرا أماذا؟ من غيار ، فرضاه هي موافقة المصلحة فالثواب ، وغضبه خلافها فالعذاب ، وكل من الثواب والعقاب هو صورة واقعية تبرز يوم القيامة عن الشكر والكفر صورة طبق الأصل ، ف (ما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)!