شيء : (لا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٦ : ٥٩) ويحدّث عنه كل من كملت عقولهم ، إذا فهو (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) : «نورا لا تطفأ مصابيحه وسراج لا يخبؤ توقده ، وبحر لا يدرك قعره ، ومنهاج لا يضل نهجه وشعاع لا يظلم ضوءه ، وفرقان لا يخمد برهانه وبنيان لا تهدم أركانه ...»
ولأنه (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) بقول مطلق فهو ـ إذا ـ آخر حديث من عليا الوحي ، لا حديث بعده ، فلا شرعة ولا رسالة بعده.
(كِتاباً مُتَشابِهاً) بعضه ببعض ، في ألفاظه ومعانيه ، في أغراضه ومغازيه ، دونما اختلاف ولا قيد شعرة فإنه «مثاني» : معاطف ، فآياته كلها لصق بعض ، في مواصلات دون أية مفاصلات ، وفي تجاوبات دون تهافت وتفاوت ، فقد «نزل القرآن ليصدق بعضه بعضا فلا تجعلوه يكذب بعضه بعضا نثرا لآياته نثر الدقل»! (١).
ومن تشابه أبعاضه مع بعض انسجام أحكامه ومعارفه في وحدة جامعة تناسب الأجزاء (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) فأحكامه الفردية تجاوب الجماعية ، وأحكامه العبادية تناسب السياسية ، وأحكامه الاقتصادية تناسج هذه وسواها ، دون أي صدام والتطام بين حقوله المختلفة صورة ، الواحدة سيرة! ومتشابها مع قضية الفطرة والعقل ، وحاجيات العالمين أجمعين إلى يوم الدين دون إبقاء.
ومتشابها مع سائر الوحي مهما كان أحسن منه فإنه (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) ويؤيده ويبشر به سائر الوحي الأصيل.
__________________
(١) من الخطبة ١٩٣ عن الامام امير المؤمنين في نهج البلاغة وقد أوردناها بتمامها في مفتتح المجلد الثلاثين.