(مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) خوفا مما قدمت يداهم فهم في وجل وارتعاش وقشعريرة الجلود كخلفيّة لاقشعرار القلوب (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) فهم بين خوف مما قدمت أنفسهم ، ورجاء مما عرفوا من رحمة ربهم ، يعيشونهما طول حياتهم.
فطالما قلب المؤمن يضطرب وجلده يقشعر من الكتاب المتشابه المثاني حين يرى نفسه قاصرة عما يتوجب عليها تجاهه ، ويسمع ربه العظيم يكلّمه ، فيغشى قلبه خاشعا ويقشعر جلده خاضعا خائفا وجلا.
ولكنه يطمئن بعد ذلك إلى ذكر الله : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فهم عند ما سمعوا آيات العظمة والجلال طاشوا ، وإذا سمعوا آيات الرحمة والجمال عاشوا ، فهم بين طيش وعيش ، وخوف ورجاء ، حيث القرآن آخذ بازمّة قلوبهم ، و «قد سئل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تفسير الترتيل فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : حركوا به القلوب» أجل و (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ...)! فالغالب على من يستمع القرآن الخشية والخشوع ، مهما لان قلبه وجلده إلى ذكر الله ، ولكنه بعد ما مليء خشية وانقلابا «ثم تلين»! فلا تعني الخشية الصعقة «إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل» (١).
__________________
(١) «تفسير البرهان ٤ : ٧٤ عن الكافي بسند عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قلت : ان قوما إذا ذكروا شيئا من القرآن أو حدثوا به صعق أحدهم حتى يرى ان أحدهم لو قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك فقال : سبحان الله ذاك من الشيطان ما بهذا نعتوا انما هو اللين والرقة والدمعة والوجل» أقول : يعني (عليه السلام) من الخشية عوانا بين الغشية واللينة ، والا لكان الائمة غير خاشين او هم مغشي عليهم في جميع أحوالهم حيث يعيشون القرآن فيها.