والحياة البرزخية لا تحتاج إلى إحياء آخر بعد الإحياء في الاولى ، فانها استمرارية الحياة الدنيا ، إذ لم يحصل بالموت إلا انفصال الروح ببدنه البرزخي عن بدن الدنيا! ثم ولا ذكرى في هذه الإماتة الاولى وقد كانوا معترفين بها (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) (٤٤ : ٣٥) وانما هي في حياة بعدها ، ثم موت وحياة اخرى للأخرى! ام ان الموتة الثانية هي عن إحياءة الرجعة (١) ثم الإحياءة الثانية هي للأخرى ، ولم تذكر الإحياءة للحياة الدنيا إذ لم تكن فيها ذكرى؟
وليست الرجعة إلّا لمن محض الايمان محضا او محض الكفر محضا ، وليس الذين كفروا كلّهم ممحضين للكفر محضا ، وهذه المقالة تحكي عن حالة عامة لأهل النار ، كما هي لأهل الجنة ، مهما استثني عن هؤلاء (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) ولكنهم داخلون فيمن يرجع فموتتان ايضا ، او استثني الاحياء يوم الصعقة ، والممحضون منهم ايمانا او كفرا داخلون فيمن يرجع ، فقليل هؤلاء الذين يموتون موتة واحدة وهم الأحياء يوم الصعقة ، غير ممحضي الايمان او الكفر!
ام الاولى هي عن الحياة الدنيا ، والثانية عن الحياة البرزخية ، والإحياءة الاولى للأولى والاخرى عن الموتة البرزخية للحياة الاخرى ، وفي مجموعها الذكرى إن لم تكن في كلّ منها ، فقد جبروا نكرانهم (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) باعتراف (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) ونكرانهم (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) باعتراف (وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ... فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ)؟
__________________
(١) المصدر ح ١٩ القمي قال الصادق (عليه السلام) ذلك في الرجعة وفي البرهان ٤ : ٩٣ ح ٢ رجعة المعاصر عن الحسن بن محبوب عن محمد بن سلام عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية قال : هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت فتجري في القيامة فبعدا للقوم الظالمين.