إليهم ، يهدفون إلى بلوغه في واقعهم أمام آيات الله و (ما هُمْ) على أيّة حال ، وفي أي حلّ وترحال وبأية وسيلة وإدغال (بِبالِغِيهِ) فإنهم داحضون بكبرهم وبحجتهم أمام حجج الله ، ومتى رأيت في تاريخ الرسالات أن يبلغ مناوءوها بكبر في صدورهم ، يبلغوا دحضها وإيحائها إلّا دحض أنفسهم وفضحها (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من كيد هؤلاء وميدهم حين يحاولون تضليل المستضعفين (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) مقالكم ومقالهم «البصير» بأحوالكم وأحوالهم ، فإنه ينصر حقه ويهدر باطلهم.
(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(٥٧).
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها)؟ بل هي أكبر وأشد من خلقهم مهما كان الإنسان أحسن تقويما! وليس الأكبر والأشد في الخلق في ميزان الله ، فكل خلق له هين ، إنما هو في ميزاننا ، ولمّا يقيس الإنسان نفسه إلى السماوات والأرض وهما مجموعة الكون ، يطامن من كبريائه متصاغرا متضائلا ، إلّا أن يذكر خلقه (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) وليس إلّا في استعداده القمة للإيمان القمة حيث الكافر في أسفل سافلين! (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) وهم الأكثرية الكافرة بالله ، المكذبة بآيات الله ، فلأنهم «لا يعلمون» متجاهلين متغافلين ف (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) ولكن (ما هُمْ بِبالِغِيهِ).
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ)(٥٨).
الأعمى والبصير مثل للجاهل والعالم ، والآخران للمؤمن الصالح