لجريها كما وكيفا ، وتقديرا لعمرها وكل أمرها.
فالشمس تجري لمستقر تقدير العزيز العليم دونما فوضى ، لكافة مستقراتها وجرياناتها في أولاها وأخراها ، دونما تخلف ولا قيد شعرة ولا آن عن ذلك التقدير العزيز العليم!
إذا ف «لا مستقر لها» ك «إلى مستقر لها» لا مستقر لها لفظيا ومعنويا ، فإن (لِمُسْتَقَرٍّ لَها) تجمع كل مستقراتها من قراراتها في جرياناتها يوم دنياها ، وإلى قرارها عند تكويرها (١) في قيامتها ، وإلى تجديد حياتها لقرارات أخرى في أخراها ، فكل جري لها وكل قرار بادئ من مستقر التقدير من عزيز حكيم ، ومنته إلى ذلك المستقر من العزيز الحكيم ف (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
وللشمس في مستقرها الأخير يوم التكوير آراء متهافتة ، من مائل إلى أنها سرمد في حراكها ، كما العالم أجمع كقسم من الدهريين ، ومن قائل على ضوء العلم أنها تجري إلى انقراضها (٢) ولا نجد تعبيرا كالذي في القرآن عن جريها لمستقر لها وتكويرها وجمعها مع أخيها القمر ، فلها كورها بعد دورها كما لكلّ كائن دور وكور و (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
تقدير بعزة وعلم ولا تقدير إلّا بعد عزة وعلم ، وبعد التقدير قضاء وإمضاء وكما سئل العالم : الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السّلام) : كيف علم الله؟ فقال : علم وشاء وأراد وقدّر وقضى وأمضى ، فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدر ، وقدر ما أراد ، فبعلمه كانت المشية وبمشيته كانت
__________________
ـ اطلعي من حيث جئت فتطلع ..
أقول : فهذه رواية واحدة عن أبي ذر تشترك في قوله (صلّى الله عليه وآله وسلم) «مستقرها تحت العرش» والمعنى المناسب ان مستقرها في كل قرار هو امر الرب ، جريا ووقوفا ام أيا كان.
(١). راجع سورة التكوير ج ٣٠ : ١٣٧ للتعرف الى تكويرها.