تكويرها ومن ثم خلفها مرة أخرى.
فكما أن مستقرات الغروبات للشمس ـ المتكررة يوميا ـ ليست إلّا مرئيات وهي في الحق شارقة دوما ، لا غاربة ولا لحظة ، كذلك الأموات هم في الحق أحياء مهما نراهم في ظاهر الأمر أمواتا ، فليس الموت فناء وفوتا حتى تستبعد رجعة الحياة ، فالروح بعد الموت هو الروح وأروح منه ، والبدن هو البدن بمادته ، فعملية الإحياء ليست إلّا خلق الأمثال للأبدان ونقل الأرواح إليها.
وكما أن المستقر الأخير للشمس في التكوير ليس هو الأجل الأخير حيث ترجع بمثلها ، كذلك الإنسان لا يعني موته عن هذه الحياة فوته عن أية حياة.
وكل (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فله القدرة على كل تحوير وتغيير وتقدير ، وله العلم كذلك دون اي مانع ونكير!.
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)(٣٩)
«و» آية لهم رابعة (الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) له في جريه كما يترائى مكانا ومكانة وزمانا ، «حتى عاد» كما بدء في منزله الأول ليلة هلاله واستهلاله (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) وهو عذق النخلة اليابس إذا قدم فانحنى.
فالقمر في منازله الثمانية والعشرين ، يبتدء من هلاله مبتدرا كالعرجون القديم إلى ختامه كالعرجون القديم كما بدء ، فهو كالولد حين يولد ثم يكبر رويدا رويدا حتى بدره الأربعين ، ثم يتنازل شيئا فشيئا منكّسا ويرجع كالولد (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) ثم يموت ومن ثم الحياة كما بدء (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ).
وهذه آية لتواتر الموت والحياة تلو بعض ، وكما القمر في منتقص منازله