يترائى للناظرين ناقصا عن بدره لحد الانمحاء التام ، ولكنه لا ينتقص في واقعه ، وإنما يحتجب بحجب ، كذلك ميت الإنسان ليس بميّت وإنما الحياة الروح تحتجب عن هذا البدن ثم تعود إليه يوم المعاد.
وعلّ العود كالعرجون القديم لمحة إلى أن المعاد في المعاد ليس كل البدن ، وإنما أصله العرجون الذي عاشه طول حياته ، فالأقمار الإنسانية وأضرابها تقدّر منازل في سيرها الحيوي حتى تنمحي ثم تعود كأصغر ما كان كالعرجون القديم ، حيث يمثّل كيان الإنسان كأصل عاشه في حياته خيّرة وشرّيرة.
أهلّة القمر الثمانية والعشرون تفيدنا مواقيت الشهور والحج (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وتفيدنا إمكانية المعاد وكيفيته لوجه ما.
للقمر في منازله أشكال حسبها كما قدرها العزيز العليم ، من منزل المحاق أو الاقتران والاجتماع والتوليد ، لا يرى فيه لأن وضعه مجاور جدا في الظاهر للمحل الذي تشغله الشمس في السماء ، فيوجه نصف كرته المظلم المحجوب عن الأشعة الشمسية نحو الأرض ماكثا في استتاره يومين أو ثلاثة ، ولكن لحظة الاقتران المضبوطة التي يستدل عليها من السنويات الفلكية ، تحصل متى كان للشمس والقمر طول واحد.
وفي اليوم الثاني او الثالث بعد تلك اللحظة يظهر القمر ليلا بعد غروب الشمس بمدة قليلة على شكل هلال رفيع تحد به نحو القطعة التي توجد فيها الشمس تحت الأفق ، وبسبب الحركة اليومية يغرب القمر بعد قليل في الأفق الغربي.
وفي اليوم التالي تحصل الحالة بعينها ولكن الجزء المستنير فيه أعظم ، ولأنه فيه أبعد من سابقه عن الشمس يتأخر غروبه.