يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ)(٥٠).
أهلهم كأمثالهم في أخذة الصيحة ، فأين التوصية لهم أو الرجوع إليهم؟ وحتى إذا لم تأخذهم! فالصيحة هي المانعة لهم عن هذه أو تلك وكما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): (لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى فيه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها (١).
ثم تتلو الصيحة الواحدة نفخة هي الصيحة الثانية للإحياء : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) (٥٠ : ٤٢) :
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ)(٥١).
ليس الصور جمعا للصورة ، وقرائة الفتح مردودة لمخالفتها المتواترة ، ولرجوع ضمير المفرد المذكر إليه في سائر القرآن : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ).
وهنا نفختان هما الصيحتان ، وصيحتان هما النفختان : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٣٩ : ٦٨) (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (٢٧ : ٨٧).
والصور هو البوق الصارخ في أعماق الأرواح فتفيق عن صعقتها
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٢٦٥ ـ اخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن المنذر وابو الشيخ عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ...