(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ)(٥٥).
إنهم ـ والحمد لله ـ في شغل عمن سوى الله وعما سوى الجنة «فاكهون» متفكهون فيها متنعمون بنعمها كلها (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) فهم «فاكهون» بكل فكاهات وفاكهات الجنة ، فلا تعني «فاكهون» أكل الفاكهة إذ يأتي بعد هنيئة (لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) ثم «فكه» لا تعني أكل الفاكهة مهما شمله ، فإن من الفكاهة حديث ذوي الأنس (وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) (٣ : ٣١) (وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) (٤٤ : ٢٧) ولا تختص النعمة بالفاكهة بل هي مطلق النعمة روحية ومادية : (فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٥٢ : ١٨) ومن كونهم فاكهين التفكه بالعذارى «حواجبهن كالأهلة وأشفار أعينهن كقوادم النسور» (١).
وكأن الفاكهة أيضا من الفكاهة فإنها نافلة الطعام وزهرته ، وعلّ كل نافلة عن اللازم فاكهة ، من عذارى الحور فإنهن نافلات الزوجات الإنسيات ، ومفاخر الملابس والمساكن ، ومؤنسات المقالات والمبصرات أمّاذا من الماديات ، وكذلك من المعنويات ، ولذلك ترى الآيات التالية تذكر موارد من هذه كمصاديق ل «فاكهين» ومنه فاكهة الأزواج :
و «في شغل» دون «على» أو «الشغل» يشغل البال بحيطة الفكاهة عليهم كأنهم فيها غارقون ، لمكان «في» وأن شغلهم لا يوصف عدة وعدة لمكان التنكير «في شغل»!
وأفضل الشغل يوم الله وفي دار الله وبجنابه وحضرته القدسية : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) فأشغل «شغل» لهم الحالة الروحية الغالية
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٣٨٩ ح ٦٥ في مجمع البيان في الآية وقيل شغلوا بافتضاض العذارى عن ابن عباس وابن مسعود وهو المروي عن الصادق (عليه السلام) قال : حواجبهن ...