إِلَّا خَساراً) (١٧ : ٨٢) إنه في نفسه بيان للناس ، وعربي لا تعقيد فيه ولا خفاء يعتريه ، فإنه داعية العالمين (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) ولكنما الواجهة العالمة هي التي تهدي الناس بالقرآن ، والجاهلة المتجاهلة لا تزيدهم إلّا خسارا.
هنالك لتنزيل الرحمن الرحيم تفاصيل عدة تلو بعض ، تفصيل اوّل عن إحكامه هذا حتى برز آيات مفصلات «قرآنا» وتفصيل ثان «عربيا» واضحا حيث ينطق بعضه ببعض ويفسر بعضه بعضا ، في ترتيب التنزيل لبعد واحد ـ : الآيات المتشابهة ببعض ، تفسر بعضها بعضا ، وفي ترتيب التأليف لبعد ثان ، الآيات التي تحتف بها من قبل ومن بعد ، فإنها تساعد في تفصيل معانيها وتكميل مغازيها ، فهما إذا تفصيلان بعد الأول ، ومن ثم تفصيلها بالسنة حيث يفسرها الرسول والأئمة من آل الرسول صلوات الله عليهم أجمعين.
فهذه تفاصيل أربع للناس ، بعد إحكامه الخاص في قلب الرسول ، وكما يسبقه إحكام في علم الله قبل إنزاله على الرسول (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٨٩ : ٤) احكامان اثنان ثم تفاصيل أربع.
أترى (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) بماذا تتعلق؟ علّما بكلّ من «تنزيل ـ فصلت ـ عربيا» فرغم أن الكل مبدئيا كافة لسائر المكلفين ، ولكنما التعرف إلى معارفه وتصديقها وتطبيقها ليس إلّا (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) على درجاتهم ، فالذي يتجاهل حق القرآن وحقيقته ليس هو له عربيا لائحا فلم يفصّل له ، ولم ينزّل ، إنما (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ) (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ. لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ).
والذي يؤمن به ولكنه لا يتخطى مداخل تفهمه ومخارجه وهو يهوى