أصحاب الوحي : المنحسر عن سواهم (يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) مهما لم تثبت هذه الرموز في كتاباتهم وثبتت في القرآن.
فالوحي منه ذو بعد واحد كالمجرد عن الألفاظ مثل ما أوحي من محكم القرآن على قلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة القدر ، أو ذو بعدين ثانيهما بعد الألفاظ المفصلة كالقرآن المفصل ، أو ذو أبعاد ثلاثة ثالثتها الحروف التلغرافية المقطعة ، فإنها مثلث الوحي : أصل المعنى ـ أصل اللفظ ـ ورمز اللفظ ، و «كذلك» ككلّ أو كبعض (يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وكما أن الآية توحي بعامة الوحي إلى عامة أصحاب الوحي بمختلف مدارجه ، فقد تعلّله الأسماء الخمسة الحسنى التي تليها : «وهو ١ ـ (الْعَزِيزُ ٢ ـ الْحَكِيمُ.) ٣ ـ (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ٤ ـ (وَهُوَ الْعَلِيُّ ٥ ـ الْعَظِيمُ) فهذه الخماسية المجيدة تعلل موجهة الوحي الرسالي إلى عامة المرسلين.
فبعزته يوحي إذ لا صادّ يصدّه (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) (١٢ : ٢١) والوحي من مظاهر العزة الإلهية حيث يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ، والعزة الملكية بارزة في عزة وحيه إلى أعزة من خلقه ليعزز حكمه عليهم.
وبحكمته لم يوح إلى عامة المكلفين ، حيث القلوب أوعية وخيرها أوعاها ، فلا وحي إلّا إلى أوعاها ، ثم بحكمته أوحى إلى كل قلب أوعى قدر وعيه وحاجة الموحى لهم ، المرسل إليهم أم ماذا؟
ولأن (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) اختصاص للملكية والمالكية الحقة الحقيقية العامة للكون كله ، فهو هو الموحي لتدبيره كله تشريعا كما هنا وتكوينا كما (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها ..) (٤١ : ١٢)