تفسيره بغير هدى أو أثارة من علم ، ليس له عربيا ولا فصلت له آياته ، وقد يصبح القرآن لهؤلاء وهؤلاء ضلالا ولا يزيد إلّا خسارا وملالا.
والذي يعرف مفاتح تفسيره ولكنه لا يطبّقه ليس له عربيا كما يحق ، حيث العمل بالقرآن مما يساعد على تفهمه ، فلكل من مراتب العلم حظ من درجات القرآن ، وللجاهل المتجاهل المتعنت دركات.
ثم وفي (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) استجاشة لكافة القدرات العلمية واستنهاض للعلماء ان يكرسوا طاقاتهم للحصول على الأكثر فالأكثر من معاني آي الذكر الحكيم ، مستنبطين متشابهه بمحكمه ، ومجملة بمبيّنه ، فحاصلين على العبارة ثم الإشارة ثم الطائف ومن ثم الحقائق ، دونما نظرة بيان في هذه السبيل سوى بيانه ، فإنه النور المبين وما بال النور يستنير بنور سواه ام بنور سواه ، اللهم إلّا استيضاحا من السنة القاطعة متطرقة طريق الدلالة صريحة وظاهرة.
فلا تعني عربية القرآن إلّا جزالة بيانه ووضوح تبيانه وبرهانه ، وإن كانت تزيد في عربيته تفهما عربيته لغويا.
(بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ)(٤).
(تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (.. بَشِيراً وَنَذِيراً) «كتاب» :
(بَشِيراً وَنَذِيراً) (فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) : (بَشِيراً وَنَذِيراً) للعالمين : من يعلمون ومن لا يعلمون (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) وهم الذين لا يعلمون «فهم» بإعراضهم عن هذا الذكر العظيم جاهلين أو متجاهلين «لا يسمعون» (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) «لا يسمعون» بآذانهم مخافة الانتباه ، لحد (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) فإذا سمعوه بآذانهم لا يسمعون بعقولهم وقلوبهم ، فإنه قول محطّته الأنفس : (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) (٤ : ٦٣).