والجواب : أن الدنيا دار عمل ككل ويجزى فيها أحيانا ، والآخرة دار جزاء ككل ، ومصائب الدنيا قد تمحو من سيئات او تحذّر أصحابها من عقوبات (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا) (٣ : ١٦٥) أو أنها إصابة استئصال لسيئات موبقات لا تحمل حيث لا تحملها الحياة الجماهيرية : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (١٦ : ٣٤) (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٣٩ : ٥١).
ذلك ولكن الله ليس ليصيب الذين كسبوا السيآت بكل ما كسبوا ، فقد (يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) هنا حتى يستوفيها في الأخرى ، أم (يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) إذا اجتنبوا كبائر ما ينهون عنه : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) (٤ : ٣١) ثم الإصابة ببعض ما كسبوا إنذار عليهم كيلا يتورطوا.
وترى هؤلاء المسيؤون تصيبهم بعض ما كسبوا فما بال المعصومين يصابون بما لم يكسبوا ، وما بال غيرهم من الصالحين يصابون فيما تصاب جماهير بينهم عصاة ، أو من يصابون في سبيل لله جرحا او قتلا او تشريدا أم ماذا؟.
الجواب : أن «كم» في (ما أَصابَكُمْ) وفي (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) قد تعني الجمع وجاه الجمع ، في فتنة ومصيبة (لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (٨ : ٢٥) فبما كسبت أيدي الظالمين هم يصابون مع غير الظالمين ، أولاء لهم رحمة وهؤلاء عليهم نقمة ، فقد أصابتكم مصيبة بما كسبت أيديكم فليست إذا داهية ومصيبة من الله دون رامية ، فالظالمون يرمون وهم يصابون مع غير الظالمين ، ف «كم» في الرامية أخص من «كم» في المصابين ، ثم الذين يصابون في سبيل الله ليس الله ليجرحهم او