المادة الاولية لخلق الكون «ماء»؟!
آية يتيمة وحيدة في القرآن تتكفل بيانا مجملا لأم الكون اجمع : المادة الأولى التي خلقت منها السماوات والأرض وما بينهما : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (١١ : ٧) وبيانها الفصل راجع إلى موضعه في «الفرقان».
«كان» هنا تضرب إلى أعماق الماضي البعيد لكينونة «الماء» قبل خلق الأرض والسماء ، فليس ـ إذا ـ هو الماء المتولد عنهما وفيهما حيث خلقهما «و» الحال أن (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).
والعرش فيما يعنيه من معانيه هو السلطة والبناء ، وقد كانت سلطته التدبيرية قبل خلق الأرض والسماء على الماء إذ لم يكن دونه كائن ، وكان بنائه سائر الخلق على الماء إذ لم يخلقهما دون مادة سابقة.
وقد وردت في بعد هذا الماضي لكينونة الماء رواية ما أرواها واروعها عن الإمام امير المؤمنين (ع) تضرب إلى مليارات من سنينا والله اعلم (١)
__________________
(١) في تفسير البرهان ٢ : ٢٠٨ عن تفسير العياشي سئل امير المؤمنين (عليه السلام) عن مدة ما كان عرشه على الماء قبل ان يخلق الأرض والسماء فقال : تحسن ان تحسب؟ فقال ـ السائل ـ نعم فقال (عليه السلام) لو أن الأرض من المشرق الى المغرب ومن الأرض إلى السماء حب خردل ثم كلفت على ضعفك ان تحمله حبة حبة من المشرق الى المغرب حتى أفنيته لكان ربع عشر جزء من سبعين جزء من بقاء عرش ربنا على الماء قبل ان يخلق الأرض والسماء ثم قال : انما مثلث لك مثالا.
أقول هذا الزمن الهائل هو من زمن بقاء العرش مع الماء ، ومع النظر الى بطؤ الحركة العادية ، والسعة الهائلة بين المشرق والمغرب وعدد حبات الخردل ملأ الأرض والسماوات ، والزمن الذي يتطلب نقل كل من المشرق الى المغرب ، يفوق عمر المادة الاولية بليارات البليارات من السنين الضوئية ، ويا لعلم الامام حيث يحيط بهذا الزمن دون ان يلفظ بحدة إذ لا يحده القلم!