فقد كان هنالك رتق أوّل إذ كانتا ماء (فَفَتَقْناهُما) في تلك التفجرة عن مادتها الأولى ، وفتق ثان اقتسام كل إلى طبقات سبع ، وثالث فتق السماء بالأمطار وفتق الأرض بالإنبات ، ورابع فتق السماء بالوحي وفتق أراضي القلوب بتقبل الوحي ، أماذا من فتق بعد رتق فصلناها في موضعها.
آية الدخان هنا تشير إلى ما خلّفه الفتق الاوّل (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) ثم الثاني (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) ورابع (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) وبينما الثالث يشار إليه في تكملة الأرض : (وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) إمطارا من السماء فإنباتا من الأرض.
وترى هذه السماوات نرى مادتها المرتوقة «دخان» وفتقها إلى سبعها هنا ، فأين المادة الأرضية وأين فتقها إلى سبعها؟ واين سبعها؟.
(خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) تشير إلى أصلها مادة كثيفة تناسبها كما السماء في دخانها ، ثم ومن (الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) (٦٥ : ١٢) تشير إلى انقسامها إلى سبعها ، ومن ثم (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً .. فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) تشير إلى موازاة انقسامها إلى سبعها مع تسبيع السماء «في يومين» متداخلين لهما لذلك التقسيم الجسيم! فسبع الأرض ومادتها في مراحلها الثلاث غامضة مرموزة دون سبع السماء بمادتها ، ونحن نسكت عما سكت الله عنه ، ونستلهم ما ألهمه رمزا كما هنا.
فلو لا تسبيع الأرض مع تسبيع السماء في يوميها فلما ذا خطاب التكوين لهما «ائتيا ..» ولماذا الجواب تقبّلا لتكوين (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)؟