المستصحب للهيب أيّا كان : من لهيب الأحطاب والفحوم الحجرية ، إلى لهيب الفلزات المذابة على درجاتها الحرارية المختلفة ، وإلى لهيب الغازات الصاعدة عن التفجرات الذرية على درجاتها الحرارية ، إلى الئيدروجين وقد شكلت الكرة الشمسية منها في قسم كبير من جرمها ، ففي مركزها ٧٠ مليون درجة من الطاقة الحرارية ، وإلى ٣٨٠ مليون درجة كالتي في مركز الشعري وهي تبعد عنا ٥٠٠٠٠ ضعف الشمس ، وهنالك درجات فوقها لم يصل العلم إليها حتى الآن ، والتي وصلها ليست إلّا من وليدات الدخان الأم.
وهل هنالك بناء للسماء بين دخانها وطباقها كما بنيت الأرض أرضا ما ، ثم انقسمت إلى سبعها؟ علّه نعم ، فالتسوية سبعا تتحمل للسماء بناء أولا هو لها وحدها بتحويلها عن دخانها إلى حالة أخرى ، فيه (رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها. وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها) وثانيا هو تسبيعها ، فخلق الأرض وما فيها هو قبل تسبيع السماء كما تقول آية البقرة وفصّلت ، ودحو الأرض وإخراج ماءها ومرعاها هو بين بناء السماء وتسبيعها.
ف (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) لبناءها سماء وتسويتها سبعا وكما :
(فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فَقَضاهُنَّ ..).
وتراه قولا قوليا؟ وليست الأرض والسماء من أهل المقال ، ولا خيرة الأفعال «طوعا» وإذ لا تختار ف «كرها»! فهو ـ إذا ـ قوله الفعل تكوينيا كما في سائر تكوينه (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣٦ : ٨٢) وتعبيره عن فعله بقوله إشارة إلى نفاذ أمره دونما نظرة للفاعل ولا من القابل ، وهي فيهما لكل فاعل غير الله (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) (٣ : ٨٣) (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ