هم المعاصرون لهم ، صالح وهود في أصل الدعوة ، ومن معهم من الرسل حيث وصلتهم دعوتهم المناصرة لتلك الدعوة ، وليست الرسل المستقبلية إذ لا صلة لهم بعاد وثمود حضورا ولا وصولا إذا هم غيّب! و «من خلفهم» هم الرسل الذين خلوا من قبل ، فقد جاءتهم دعوتهم في بعدي إنذار آبائهم فهم إذا منذرون ، ثم وصول دعوتهم من طرق اخرى ، فلا يعنى من مجيء الرسل إلّا مجيء الرسالة ، كما جاءت الرسالة الاسلامية ملأ العالمين من الجنة والناس أجمعين وإلى يوم الدين ، ولم يبق الرسل إلّا شذرا من السنين.
أم وفي وجه أوسع (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) تعم الحاضرين ومن يستقبل ، كما (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) تعم كافة الماضين ، تدليلا على أن الرسالة القائلة بتوحيد الله واحدة مهما كان الرسل عدّة ، فليس فاصل الزمان والعدّة والعدّة بالتي تفصل بين الرسالات ، فرسول واحد ـ بهذا الصدد ـ هو الرسل كلهم يحمل الرسالات كلها ، فتصديق واحد منهم تصديق لهم أجمع ولها كلها ، كما وتكذيب واحد تكذيب الآخرين ، لذلك نرى (كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ) (٢٦ : ١٢٣) (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ)(١٤١) و (ذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ)(١٦١).
ووجه ثالث مجيء الرسل من كافة الجهات والجنبات ، حيث استغرقت الحجج كلها : حسية وفطرية وعقلية وكونية أماذا (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) تبلغ البالغين ، من ألقى منهم السمع وهو شهيد ، وقد تعني (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) مثلث الجهات والوجهات!
(جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ ..) ولكنهم اعرضوا كما أعرضتم «وقالوا» كما قلتم (لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) ف «لو» إحالة منهم اولى لإرسال الرسل ، و (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) إحالة ثانية أن يكون بشرا لو أنزل ، و «ربنا» دون