يكفّوا عن التفرق ، ويحبس أوّلهم على آخرهم حتى لا يتفلتوا ، فقد يكون احتراما ك (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ..) (٢٧ : ١٩) أو اختراما كما هنا وفي (يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) (٢٧ : ٨٣) فلا يفيد الحشر الجمع لحساب فعقاب أم شكر فثواب إلّا إيزاعا لجمع كيلا يتفرقوا ويهملوا على كثرتهم.
(.. حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٢٠).
علّها شهادة أخيرة في موقف أخير (إِذا ما جاؤُها) وقد سبقتها شهادات منها وسواها ، أم هي تجمع شهادات الأعضاء كلها ، وعلى أية حال لماذا الانحصار في (سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ) والانحسار عن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم؟ وهذه أقوى من تلك وأجلى والاستشهاد بها أشجى وأحجى!
هنا «جلودهم» ـ كإجمال بعد تفصيل مّا ـ تشمل هذه الثلاثة وسواها ، وعلّ اختصاص (سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ) لأهميتهما من جهات أخرى أبرزها أنهما رقيبان على الجوارح وعلى أنفسهما ، كما الفؤاد على الجوانح وعلى نفسه : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (١٧ : ٣٦) مسئولا لذواتها فيما افتعلت ، ومسئولا عنه لسائر الجوارح والجوانح فيما افتعلت وليست كذلك سائر الجوارح والجوانح.
فقد تسمع آيات او تبصر يستهزأ بهما فلا تمنع بجارح أم تغضب بجانح ، أم تسمعها وتبصرها فلا تعتبر بها ، فهنا السمع والبصر كل مسئول عنه ماذا فعلت وهما بريئان عما افتعلت من حرام او تركت من واجب! ..
أو تسمع ام تبصر محرما فلا تمنع أو تمتنع ، فشهادة مزدوجة منهما