وقيلة من قال إن «جلودهم» هي عوراتهم مردودة إلى قائلها ، والرواية (١) القائلة بها مأولة إلى بيان مصداق هو عار بين مصاديقها ، فتشهد العورة كسائر الجلود بما افتعلت أم وفعل غيرها.
(وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٢١).
مفاجئة هائلة من مشهد الشهادة في معرض القيامة بموقفه العصيب وهم بحاجة ماسة إلى مناصرة من سواهم فإذا هم محجوجون بشهادة الجوارح ، وإنها بحق جوارح تجرح قلوبهم وتفتّت أكبادهم ولات حين مناص ، ولا منفذ لخلاص! يا ويلاه! فكل شهادة كانت بحسبان إلّا شهادة الإنسان على نفسه ، بجارحه وجانحه ، ويا للفجأة المحيرة بسلطان الله الخفي يغلبهم على أبعاضهم فتلبّي وتستجيب.
وكيف يقاولون جلودهم وليست بقائلة إلّا ألسنتهم ، وهي السائلة القائلة : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا)؟ لأنهم شاهدوها تشهد ، ولم تسبق لهم منها سابقة الشهادة ، وهذه خارقة للعادة ، فليسألوها (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) مما يدل على أن شهادتها لم تكن باختيار منهم أو علم ، ولا يصدر من الأعضاء فعل إلّا عن إختيار منهم وعلم! (٢).
(قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ـ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ـ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٥٤٤ ـ القمي بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث فرض الايمان على الجوارح : يعني بالجلود الفروج والأفخاذ.
ورواه مثله في الفقيه عن امير المؤمنين (عليه السلام) : يعني بالجلود الفروج. أقول ومما يدل على انه تفسير بمصداق ما في الدر المنثور ٥ : ٣٦٢ ـ اخرج عبد الرزاق واحمد والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن معاوية بن حيدة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث وان اوّل ما يعرب عن ـ