تقية ولا ستار ، فإسلامه جاهر قولا وعملا فدعوة إلى الله ، وهذه هي الدعوة الحقة التي ما لها من فواق.
والمعنيان علّهما معنيّان ويقتضيهما أدب اللفظ وعلو المعنى ، فهناك عمل صالح وإنني من المسلمين قبل الدعوة وهما من شروط الدعوة ، ثم عمل صالح وقول في طريق الدعوة وهما زاد الدعوة في سبيلها الشاق الطويل ، وقد زوّد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل من غيره من الدعاة إلى الله وأحسن ، بقول وعمل صالح قبل الدعوة ومنذ ترعرع ، ومع الدعوة حتى لاقى ربه ، فمن أحسن قولا منه.
إن كلمة الحق حينئذ أحسن كلمة تقال ، لكنها مع العمل الصالح الذي يصدقها ويصعدها ، ومع الاستسلام الذي تتوارى معه الذات والذاتيات والإنيات وجب الظهور وكل شيء ، فتصبح الدعوة خالصة لله ، ليس فيها للداعية شأن إلّا الدعوة.
والنهوض بتلك الدعوة البارعة في مواجهات التواءات النفوس البشرية واستكباراتها ، إنه أمر عظيم ، وأعظم منه الداعية الذي لا يهدف في دعوته إلّا الله ، تناسيا لنفسه ورغباته وكل شيء إلّا الله.
إنه يعارض السيآت ليزيلها ، ولا تستوي الحسنات ولا السيآت ، فقد يقتضي صالح الدعوة أن يدفع بالتي هي أحسن السيئة دون مجابهة بمثل كما يفعلها غير الصالحين :
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (٣٤) (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ) (٢٣ : ٩٦).
ترى ما هو موقع «ولا» بين الحسنة والسيئة؟ فهل إنها مزيدة لتأكيد