وعقيدة ، ام فعلة وقولة ، أم أية حالة على أية حال ، مهما اختلفت دركات ذلك الإشراك.
والسجدة هي صورة عبادة ، فان كانت لغير الله بنية العبادة وسيرتها فمن أسفل دركات الإشراك بالله ، وإن كانت صورة دون سيرة وهي أحيانية وإنما احتراما للمسجود له ، فمن أدنى دركاته ، وإن كانت مستمرة فعوان بين ذلك ، وذلك الثالوث على اختلاف دركاته مشترك في الشرك! (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ)(٣٨).
ليس الكون قاحلا عمن يسبحون له وله يسجدون ، (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) عن عبادته وسجوده ، إلى سجود الشمس والقمر وهما آيتان من آياته ، إلحادا فيها بافراط (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) عندية القرب مكانة تربوية لا مكانا ، من ملائكة وإنس وجان ، سابقين أو مقربين ، فإنهم عند ربك ، لا «الله» فليس عند ذاته أحد ، ولا (رَبِّ الْعالَمِينَ) حيث الربوبية العامة ليست بذلك الزلفى ، بل (عِنْدَ رَبِّكَ) بتلك الربوبية القمة التي أنت فيها بأعلى قمة (يُسَبِّحُونَ لَهُ) لا سواه (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) في كل وقت لحدّ أصبحت ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم وخطراتهم تسبيحا لله (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) : لا يملّون من هذه الكثرة الكثيرة ، وإنما يسأمون لو يغفلون.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٣٩).
(وَمِنْ آياتِهِ) قدرته على إحياء الموتى مسرح الأرض الخاشعة الخامدة القاحلة حيث تحيى بإنزال الماء فتربو وتهتز ، فمن ذا الذي يربيها ويهزّها بعد خشوعها إلّا الله (إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى) وبأحرى (إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).