ثم التدبر في كل أمر هو الفحص عن كل دابر يلحق غابره ، وعن كل غابر يلحقه دابره ، أمور متجاوبة لو دبّرت ورتبت كما يصح للحصول على المراد لحصل فهو في القرآن نضد آيات له متناظرة ، كل دبر بعض للحصول على معنى آية يقصد تفسيرها ، وهذا تدبر التعبير التفسير ، ثم يتلوه تدبر الإيمان ، ولكي يأخذ الإيمان بالقرآن شغاف القلب لحد الهيمان ، ثم أخيرا تدبر العمل ، ان يلحق تدبر العلم والإيمان ، تدبر الأركان ، إذا فتدبر القرآن في صيغة جامعة يتبناه ـ هو : مثلث : التفهم ـ الإيمان ـ العمل ، كل دبر بعض ، كما لكل تدبر بالنسبة لمراتبه مع بعض!.
ومن ثم ـ وعلى غرار مثلث التدبر في القرآن فأقفال القلوب أيضا ثلاثة : إقفال عن المعرفة ، واخرى عن الإيمان بعد المعرفة ، وثالثة تقفل الإيمان العرفان عن التجلي في عمل الأركان ، وهو الأصل المعني بالتدبر في القرآن (١) ، فهذه اركان الإقفال على القلوب ، التي تحرمها عن المعرفة ، ثم عن الإيمان ، ثم عن العمل ، أو عن الازدياد في كل مرحلة من هذه الثلاث ، أو ان يتخطى كل سابق إلى لاحقه.
فالقلب ـ بمفرده ـ بين أعضاء الروح محطة إذاعة واستذاعة ، تستذيع من العقل والصدر فيطمئن بالإيمان فيعقل ما أخذه عنهما : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها) (٢٢ : ٤٦) ومن ثم تذيع ـ ما أخذته في جر الأعمال ، ف (القلوب أئمة العقول ، والعقول أئمة الأفكار ، والأفكار أئمة الحواس. والحواس أئمة الأعضاء) (٢).
__________________
(١) رواه في المجمع عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام في الآية انهما قرءاه فقالا : فيقضون ما عليهم من الحق.
(٢) عن الامام الصادق عليه السلام ـ رواه في بحار الأنوار.