ومن أقفال المعرفة صمم القلب وعماه (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢٢ : ٤٦) وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (٦ : ٢٥) (١).
(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ).
والارتداد على الأدبار : إلى الجاهلية الأولى ، وبعد تبين الهدى ، إنه من مخلفات عدم التدبر في القرآن بأقفال القلوب ، بما سول لهم وأملى الشيطان! (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ ..) (١٦ : ٩٨)! فهناك شيطان من خارج يسول ويملي ، وآخر من داخل يتسول ويتملى (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) (٢٠ : ٩٦) متعاملين في تسويل الإنسان : تزيينا تحرض عليه النفس أن يصور لها القبيح حسنا والحسن قبيحا ، ثم في إملاءها : مدا في غيّها المسوّل لها ، وتطويلا في آمالها ، خطوات حسيسات في خطيئات لحدّ انهيار الإنسان في النار : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ)! رغم انهم لم يكونوا بذلك البعيدين عن الهدى ، فقد ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ، وإنما انجرفوا بما جرفوهم ، وانحرفوا بما حرفوهم ، ابتداء من بعض الأمر وانتهاء إلى كل الأمر! فأصبحوا كفارا كالكفار :
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ
__________________
(١) محاسن البرقي عن الامام الصادق (ع): ان لك قلبا ومسامع ، وان الله إذا أراد ان يهدي عبدا فتح مسامع قلبه ، وإذا أراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلا يصلح ابدا وهو قول الله عز وجل : (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها).