ارتدوا عليها عن دين الله ، وهم في مستهل الحياة الأخرى ، في اللحظة الأخيرة من الحياة الدنيا ، ففي حالة الاحتضار الاحتقار تستقبلهم هكذا الإنذار (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ).
فلأن الحياة بعد الموت برزخية ، فليس لهم إلّا ذوق العذاب ، في : حفرة من حفر النيران (١) لا كل الحفر ولا كل العذاب.
وإذا كان ذوق العذاب ، يستقبله ضرب الوجوه والأدبار ، إذا فما ذا يكون أصل العذاب!
والتوفي هنا أخذ الأرواح بأجسادها الأصيلة لها ، التي عاشتها حياة التكليف ، فالملائكة القابضة للأرواح ـ وعلى رأسهم مدير شئون الأموات : ملك الموت ـ هم يتوفون الأموات : أخذا وافيا دون أي فوت أو انفلات ، في أيّ من جزئي الأموات : أرواحا وأجسادا ، فلا تضل عنهم مهما ضلت عن سائر الخلق : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ... قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ..) (٣٢ : ١١).
وهم حينما يتوفونهم يضربون الوجوه والأدبار ، فضرب الوجوه ، مواجهة لهم حين الاحتضار بعذاب الاحتقار ، وضرب الأدبار التي تعودت الإدبار عن الحق ، ولأنهم حين يتوفون لا يخرجون أنفسهم عن الحياة الدنيا بملاذها ، فلا يطاوعون المخرجين ، فالملائكة ـ إذا ـ يضربون أدبارهم قائلين : أخرجوا أنفسكم : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (٦ : ٩٤).
__________________
(١) كما في الحديث : القبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران ، والبحث عن الحياة البرزخية تجده في محالها الأنسب طيات آياتها كآية الأنفال.