(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) :
فإذ لا أعمال لهم صالحة إلّا حابطة ، فما لهم ـ إذا ـ إلّا طالحة كالحة ، فما لهم حينما يستقدمون الموت ، وإلى الحياة الحساب ، إلا ضرب الوجوه والأدبار ، ومن ثم ذوق عذاب النار ، فإنهم عاشوا حياة مركوسة معكوسة سلبا وإيجابا ، فأوجبوا سخط الله حيث اتبعوا ما أسخط الله ، وسلبوا رضوان الله إذ كرهوا رضوانه ، معجبين بهذه الحياة البائسة بما سوّل لهم الشيطان وأملى لهم.
«ومن طلب مرضات الناس بما أسخط الله تعالى كان حامده من الناس ذاما ، ومن آثر طاعة الله تعالى بما يغضب الناس كفاه الله تعالى عداوة كل عدو وحسد كل حاسد وبغي كل باغ وكان الله له ناصرا وظهيرا» (١).
ولأن الله سبحانه وتعالى لا يحول من حال إلى حال ، وليست له أية حال على أية حال ، فإنه لا يتغير بانغيار الأحوال ، فلا يعني ـ إذا ـ سخطه ورضوانه تغير حال ، وإنما ما يناسب ساحته القدسية كعقابه وثوابه (٢) ، كما
__________________
(١) اصول الكافي ـ العدة باسناده عن جابر عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله (ص) : والقمي في التفسير عنه (ع) قال قال رسول الله (ص): من ارضى سلطانا بسخط الله خرج عن دين الإسلام.
(٢) التوحيد للصدوق باسناده الى هشام بن الحكم أن رجلا سأل أبا عبد الله (ع) عن الله تبارك وتعالى له رضى وسخط؟ قال : نعم ـ وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين ، وذلك ان الرضا والغضب دخال يدخل عليه فينقله من حال الى حال معتمل ، مركب للأشياء فيه مدخل ، وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه ، واحد أحدي الذات وأحدي المعنى ، فرضاه ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال الى حال ، فان ذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين ، وهو تبارك وتعالى القوي العزيز ، لا حاجة به الى شيء مما خلق ، وخلقه جميعا محتاجون اليه ، انما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.