هو كذلك في كل ما يصف به ذاته من صفات وأفعال.
أفحسب هؤلاء الحماقى المرضى أعمالهم ، شطارة ومهارة وانهم السابقون؟ أم :
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ. وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ).
أم حسب مرضى القلوب ، ممن أسلم استسلاما ونفاقا ، ومن آمن ثم نافق ، أم حسبوا أن الله لا يعلم نفاقهم ، أم لا يقدر على إخراج أضغانهم : وأحقادهم ضد الإسلام ودعوته ، ف (لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) وإنها توحي لمكان «لن» باستحالة ما لإخراج أحقادهم ، فلذلك تراهم مصرين على النفاق ، مسرين النفاق كأن الله لا يعلم أعمالهم (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) :
ومعرفة المنافقين على ضروب شتى : كأن يعرفوا بسيماهم : بسمات في وجوههم ، يعرفهم كل ناظر إليهم ، ولكنما الدنيا دار ابتلاء وبلاء ، فلا تبلى فيها السرائر ، وإنما هي الآخرة : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) ان يبدو الإجرام ظاهرة باهرة ، لا تخفى منها خافية ، فلم تجر سنة الله في الأولى على تعريف المجرمين ، منافقين أم كافرين ، بما يسمهم في سيماهم ، ولكي يتم الابتلاء الامتحان : (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ) ـ فان «لو» توحي انه لن يريهم رسوله هنا فضلا عن سواه ، بسمات في سيماهم.
إلا أن هناك معرفة أخرى حتمية تحتاج إلى كياسة وفطانة ـ والمؤمن ينظر بنور الله ـ وهي المعرفة في لحن القول ، وانحرافه عن جادة الصواب ، بما فيه من غمز ولمز ، إمالة للقول عن استقامة الدلالة ، وإحالة له في نبرات ، وظهوره في فلتات ، فما أضمر إنسان أمرا إلا وقد يظهر في صفحات وجهه وفلتات لسانه : فالعاقل هو الذي يعرف الناس في لحن