(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(١٠)
* * *
.. إنها سورة الفتح أوّلا بفتح مكة وأخيرا بفتح دائب لا قبل له لو ظلّوا مسلمين ، تحمل بشارة الفتح المبين ، تنزل سادسة الهجرة ـ عقيب صلح الحديبية وبيعة الرضوان ـ في كراع الغميم بين مكة والمدينة (١) ، بعد ما يرجع الرسول والمؤمنون عن الحديبية.
وقبل فتح مكة بعامين ، في حين كانت هجمات المشركين تترى عليهم في كل عام مرة او مرتين. فالمؤمنون صامدون في حربهم ، والذين في قلوبهم مرض حائدون : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ. وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ. أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) (٩ : ١٢٦).
وبطيّات هذه المناوشات بشارات الفتح تترى هنا وهناك تلو بعض ، فالمؤمنون يستبشرون والمنافقون يسارعون بغية ما يبغون : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٧٤ أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : انصرف رسول الله (ص) من الحديبية الى المدينة حتى إذا كان بين المدينة ومكة نزلت عليه سورة الفتح «ومثله ما أخرجه ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مروان والمسور بن مخرمة».