(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ).
أفسحر هذه لأنها خلاف ما يهوون ، وهي آيات الكتاب المبين؟ آيات بينات دون ريبة ولا خفاء ، فبأي برهان إذا يستندون ، فما هي مقومات السحر؟ وما هي مقومات الآيات؟ وهل توجد فيها إلا بينات قاطعات تشبع الحسن والعقل والفكر والقلب نورا وجلاء ، اللهم إلا من عميان القلوب ، فانها لا لبس فيها ولا غموض ولا خداع ، فهي تزول والقرآن لا يزال ولا يزول ، والسحر يبطل بالآيات المعجزة والقرآن لا يبطل وانما يبطل السحر وكافة الدعاوي الزور.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
إن دعوى افتراء القرآن كدعوى سحره فارغة لا تملك ولا شائبة برهان ، فلنفرض ـ رغم هذا ـ انه مفترى ، فلما ذا الله لا يمحو باطل دعواه وهو بالمرصاد على من افتراه : (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (١١ : ٣٥) ومن مخلفاته محوه والختم على قلبي : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٤٢ : ٢٤) فهل انا مختوم على قلبي والقرآن في زوال؟ فلو ختم او زال (فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً) فلما ذا أفترى على الله واضطهد به لصالحكم؟ ألأنكم تملكون كشف الضر عني ، ام ماذا؟!.
(هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ) : خائضين في آيات الله (كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) وشهادته تعالى على وحيه بارزة فيه ، دون شبهة تعتريه : (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤ : ١٦٦).