سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢ : ٨١) وكلما كانت أسوء وآكد فإحاطته أحوط وأخلد ، وترى إذا كانت هي ظن السوء بالله ، وهو من أسوء الكفر بالله ، فكيف إذا تكون دائرة السوء؟ انها تلحقها ثالوث الغضب واللعنة وجهنم المصير ، ومن ثم :
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) ..
رسالة عالمية خالدة تنحو منحى مثلث الدعوة المباركة : (شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) تكافح ثالوث النفاق والشرك في دركات الغضب واللعنة وجهنم المصير ، ثلاث بثلاث ، وأين ثلاث من ثلاث!
ثم هنا زيادة : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ، وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) (٣٣ : ٤٦) : دعوة وضائة كسراج منير بهذه الثلاث ، كما وأن هذه الشهادة تمكين لهذا البشير النذير : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) (١٧ : ١٠٥) فشهادة الداعي السراج المنير تقوية له كبشير نذير :
«شاهدا» يشهد لله برسالته ، بقوله وعمله وتقريره ، فإنه على بينة من ربه ، وهو بنفسه آية معجزة إلهية ، كذلك وبقرآنه المبين ، فقرآن محمد ومحمد القرآن آية شاهدة واحدة بمظهرين ، وقد كان خلقه القرآن ، وكله قرآن ، لو قرأت صحيفة حياته وصفحة حركاته وسكناته فقد قرأت القرآن كله ، فإنه القرآن كله.
و «شاهدا» لله وعلى المرسلين برسالاتهم ، وعلى الناس برسالته ، وشاهدا على أعمال الناس صالحة وطالحة برقابته ، يتلقاها بما يلقيها إياه ربه ، ثم يلقيها يوم يقوم الأشهاد (١) شهادة مربعة رائعة في زواياها ، كاملة في قضاياها ، كافلة مزاياها : (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) (٧٣ : ١٥).
__________________
(١) تدلنا على هذه الشهادات آياتها التي تجعل الرسول محمدا (ص) شهيد الشهداء.