يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً)(١٧)
* * *
بعد ما تمت بيعة الرضوان تحت الشجرة ، مع الإشارة الى مخلفين عنها ، ناقضين لها : (فَمَنْ نَكَثَ ..) هنا التفات بالحديث نصا ناصعا عن المخلفين وعن الموفين الموافين معا : تنديدا شديدا بالمخلفين يضم ملاحم الغيب إخبارا مسبقا عن سوء سريرهم ومصيرهم ولمّا يظهر ولا حان حينه ، أنباء غيبية تنبئ النبي والمؤمنين من ذي قبل حتى يأخذوا عنهم حذرهم ، ولا يرتكنوا إليهم بجواذب الادعاءات الجوفاء ، يفضحهم ويوقفهم مكشوفين امام الرسول والمؤمنين ، ويلقنه كيف يعاملهم ويرد عليهم ، فيعالجهم ان كانوا يقبلون ، او يعاجلهم بما ينكبهم جزاء بما كانوا يفعلون ، إذ واجههم بكل حفاوة واحترام ، وقابلوه بكل جفاوة واخترام :
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)
إن المخلفين من الأعراب وهم : المتروكون في أمكنتهم خلف الخارجين المجاهدين ، وهم اهل البوادي غير الحاضرين ولا المتحضرين ، وهم الذين قال الله عنهم : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) (٩ : ٩٧).
هؤلاء هم المنافقون المستسلمون ، وقد كان لهم الا يقولوا ـ على اقل تقدير ـ مقالتهم تلك الفاضحة ، ولكي يبدلوا كلام الله ، رغم انهم أرادوه : (يُرِيدُونَ