عاقل ، فليس شغل الأموال والأهلين بالذي يثقلكم عن الجهاد (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)! : فأعمالكم وآمالكم شاسعة عن الايمان ، ونفاقكم هو الذي يؤخركم عن واجبات الايمان ، رضى بالحياة الدنيا عن الآخرة ، فما دائكم وما دواءكم (ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (٩ : ٣٨) وإن أعمالكم خلاف الجهاد ، المخلفة عن الجهاد ، هي ناتجة عن ظنكم السوء بوعد الله :
(بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) :
علّ المخلفين من الأعراب هنا هم المتخلفون عن الحديبية فيما مضى ، وعن خيبر وفتح مكة فيما يأتي ، طالما البعض منهم تخلف عن البعض ، وبعض عن الكل ، فلما تحقق الصلح في الحديبية قال المخلفون مقالتهم تلك «شغلتنا ..» فجاء الجواب ما جاء والى (بَلْ ظَنَنْتُمْ ..) فقلة العدة والعدة للمؤمنين ، وعدم إيمان المخلفين حملهم لهذا الظن السوء (أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً).
وكما في خيبر مخلفون هكذا وفي فتح مكة ، فأعذارهم أضراب ، كما هم أضراب ، وهم كلهم يعيشون إضرابا عن الجهاد وتثاقلا إلى ظنون وأعمال متشابهة النفاق!.
(بَلْ ظَنَنْتُمْ) فهذا داءكم في تخلفكم عن الخروج ، دون قولتكم الكاذبة تلك : «شغلتنا» ـ بل شغلكم ظنكم السوء بالله ان لن ينصر عبده ، وبالرسول والمؤمنين ان لن ينقلبوا إلى أهليهم أبدا ، «ظننتم» أنتم الأوغاد المناكيد إذ لم تؤمنوا (وَزُيِّنَ ذلِكَ) الظن البعيد البعيد (فِي قُلُوبِكُمْ) المقلوبة ، والشيطان هو الذي يزين شيطنات العقائد والأعمال في قلوب ذويه فيصدهم عن السبيل بعد