أمر المنافقين (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ومن ثم تنديد ثالث بالمخلفين يحمل لهم بشارة أجر حسن لو أطاعوا ، وعذابا أليما إن تولوا :
(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً).
تهديد ثالث يوجه إلى المخلفين بعد الحديبية وخيبر انهم سيدعون إلى قوم أولى بأس شديد لا سبيل معهم إلا (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) فلا ثالث هنا من مصالحة كما في الحديبية أو جزية كما مع أهل الكتاب ، وإنما قتال حتى يسلموا ، حكما باتا صارما يصرمهم مهما كانوا (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) : بأس العدة والعدة! فهذه الدعوة الأخيرة لا بد وأن تصرم هؤلاء الأشداء دونما رجعة أو مراجعة.
وترى انهم يهود خيبر؟ والجزية طريقتهم الثالثة بأنهم أهل كتاب! ولم يكن بأسهم شديدا وجاه الأشداء الآخرين ككفار مكة والفرس والروم ، وهذه هي المرة اليتيمة في القرآن يوصف فيها أعداء الإسلام ب (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ)! وأن قصة خيبر مضت في ثاني التهديدات للمخلفين (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ ..)!.
هذا الدليل المثلث ينحي الآية عن خيبر واضرابها ، ويحصرها في المشركين الذين بلغوا في القوة الذروة في صنوف الأعداء المناوئين للإسلام ، منذ الرسالة إلى أمد.
إذا فليسوا هم هوازن ولا ثقيف ، لا وحتى الروم الأشداء في مؤتة وغيرها ، إنما هم مشركو مكة أو الفرس أو هما؟
فمن ناحية أن الدعوة هذه دعوة إلهية لحرب خطيرة : «ستدعون» تكون الحرب حرب الفتح في مكة ، وقد أسلمت مكة دون حرب إذ فتحت عنوة ،