وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)(١٤)
* * *
(ق. وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) ان المجد هو سعة الكرم والجلال ، فهو لذي الجلال والإكرام سعة لا تحد وكرم لا يعد : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) (٨٥ : ١٥) فكذلك قرآنه المبين وتبيانه المتين : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ. فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (٨٥ : ٢١) (١) فلا أمجد في الأقوال من قول الله ، بل ولا مساماة ومساوات ، فالبون بين قول الله وسواه كالبون بين الله وسواه ، فلذلك يحق الحلف بقول الله كما بالله : (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) : حلفا بأدل دليل ، وانه خالق المدلول والدليل ، لا حلفا عند فقدان الدليل أو نقصانه ، فكما القرآن بحكمته دليل لنبوة ورسالة من جاء به : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ.) (٣٦ : ٢) كذلك وأحرى هو دليل على ما يحمله ويدل عليه من سائر الغيب كالقيامة ، ولعل (ق) هنا توحي لها كما توحي للقرآن نفسه ، فليحلف بمجد القرآن : بكرم أدلته وجلال براهينه ، على صحة ما يدل عليه من غيوب لا يكشف عنها إلا بالوحي!.
وبما ان اشمل الأسماء لليوم الآخر «القيامة» وان جواب القسم ـ وهو طبعا إقرار القيامة ـ لم يأت بعد ، وهو المصبّ الأصل في آي السورة ، نستوحي ان «ق» تشير ـ فيما تشير ـ إلى القيامة كمدلول ، كما وإلى القرآن كدليل ، ثم يصرح بالقرآن في صيغة قسم ، ومن ثم بالقيامة طوال السورة ، وكأنه يقول : قسما بالقرآن المجيد أن القيامة لا ريب فيها ، ف «ق» إذا إشارة إلى كلا الدليل والمدلول ، ولأن القيامة ـ كالقرآن ـ باهرة لحد كأن لا حاجة في التدليل عليه حتى وبالتسمية ، فليكتف بحرفها الأول «ق» ـ : ممدودة تمدنا إلى كامل اسمها
__________________
(١). راجع سورة البروج ج ٣٠ ص ٢٧٠.