فما تعني المقسمات خصوص الملائكة ، لمكان التأنيث الحقيقي فيها دون الملائكة الذين هم لا ذكران ولا إناث ، فالراجع إليهم بين ضمير مذكر او مؤنث مجازي.
هذا ـ ولان تقسيم الأمر لا يختص بهم ، فلله عمّال منهم الملائكة ومنهم غيرهم وكثير ما هم!.
(إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ. وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) ترى ما هي الصلة بين هذه الأربع وبين صدق الوعد ووقوع الدين؟ فهل هي أقسام بدلا عن الدليل إذا لا دليل؟ سبحان الرب الجليل عن هكذا دليل عليل! او هي ادلة لصدق الوعد ووقوع الدين وكيف هي؟
إن مشكلة المعاد فالجزاء بعد العود ، هي عائدة أولا وأخيرا إلى استحالة الحياة الجديدة او إمكانيّتها ، فثبات إمكانيتها إثبات لوقوعها ، فإن الحوار والمشاجرة حول المعاد ليس إلا مع المقرين بوجود الله مهما كانوا به مشركين ـ فإمكانية الحياة بعد الموت ـ الثابتة بأمثال ما يقسم به هنا وهناك ، اضافة الى قدرة الله تعالى ، ثم علمه الشامل وعدله الكامل ، إنها تنتج ضرورة : (إِنَّما تُوعَدُونَ) : من الحياة الأخرى «لصادق» ومن ثم (وَإِنَّ الدِّينَ) : الجزاء «لواقع» فان علم الله وحيطته بما يصدر عن الظالمين وما يلقاه المظلومون ، وبما يطيعه المطيعون ويعصيه العاصون ، ثم قدرته على الجزاء الوفاق ، ثم عدم واقع الجزاء هنا إلا شذرا قليلا ، مع قدرته تعالى على إعادة الحياة ليجزي الذين أسئوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، إنها تثبت ضرورة صدق الوعد ووقوع الدين ، فان نكرانهما نكران لوجود الله وهم مصدقوه ، او نكران لعلمه وقدرته وعدله وهم عارفوه ، او إحالة للحياة بعد الموت وهي تكذيبه أنه يحيى الموتى ، ونكران لما يلمسونه ليل نهار من ذاريات حاملات جاريات مقسمات ... ومن أضرابها : تلكم البراهين الحسية التي يعيشونها طوال حياتهم.
فكما ان الذاريات ذروا ، فالحاملات وقرا ، فالجاريات يسرا ، فالمدبرات امرا ،