تسليات وتثبيتات لخاطر النبي الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم باستعراض أحاديث عن النبيين مع أقوامهم ، وما لا قوه من أذى ولاقت أقوامهم من لظى ، ابتداء بحديث ابراهيم لأنه شيخ المرسلين :
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) ملائكة دخلوا عليه كأناسي فاعتبرهم ضيفا آدميين ، فقال عنهم الله ضيفا كما حسبهم إبراهيم (ع) أو انهم كانوا ضيفا حقيقيين وان كانوا ملائكة اعتبارا أن الداخل على الإنسان ضيف وان لم يأكل أو ليس ممن يأكل ، توسيعا في معنى الضيف.
و (هَلْ أَتاكَ) كاستفهام بشأن تفخيم أمر القصة ، فإن هذا الحديث يضم من فخائم الأمور عظائم ، و (الْمُكْرَمِينَ) : عند الله إذ أرسلهم الى خليله : (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ ...) (١١ : ٦٩) ومكرمين عند ابراهيم إذ أكرمهم قبل أن يعرفهم ، تدليلا على مدى حقوق الضيف وان كانوا منكورين لا يعرفهم المضيف.
(إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) : يرد عليهم تحيتهم بأحسن منها كما توحي به الجملة الاسمية : (قالَ سَلامٌ) بخبرها المحذوف ، الدالة على الدوام ، بعد ما أوحت جملتهم الفعلية (فَقالُوا سَلاماً) بسلام غير دائم.
ثم يضيف الى اضافتهم في هذه التحية الحسنى ، إضافة لهم عملية ، وهو ينكرهم ولا يعرفهم :
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) دون أن ينتظر تعريفهم بأنفسهم أو ينظر في أمرهم : فقد أدى واجبه الأول أن رد تحيتهم بالحسنى ، والثاني تقديم أدب من آداب اللقاء الإيماني : التعارف بين المتلاقين ، أن يعرّف كل نفسه ويتعرف إلى الآخر ، فضيفه المكرمون كانوا يعرفونه وهو لا يعرفهم ، ولكنه عاملهم كمن يعرفهم.
والثالث المبادرة إلى إحضار الطعام قبل أن يعرفوا أنفسهم ، في مثلث