(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ)
قد توحي «أم» هنا بحذف شيء مسبق ، هي بديل عنه ودليل عليه ك : ـ أليسوا هم مخلوقين؟ (أَمْ خُلِقُوا ..) أسئلة تقريع وتبكيت بهؤلاء الناكرين ، وقذ حولت الأجوبة إلى عقولهم حتى ولو سامحوا عنها ، لأنها من أوضح البديهيات ، وفي قمتها أنه مخلوق ، ولذلك لم يذكر في عداد المحتملات ، إذ لا أحد ـ حتى ولو كان مجنونا ، أو أصغر حشرة ـ ينكر كونه مخلوقا ، مهما غبي وطغى!.
فهنا في بساط البحث عن الله يكفى الإنسان نفسه دليلا ومصدرا ، تتدفق عليه المحتملات المسرودة :
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) من لا شيء ، مهما تسمى بصدفة عمياء أم ماذا ، أم اللاشيء المطلق عن الأسماء ، فهل هناك شيء غيرك خلقك؟ فهو الذي نسميه الله ، أم لا شيء هناك إلا أنت ، وسائر الخلق ، دون أي خالق؟ : مخلوق بلا خالق!.
وفيما إذا سئلنا : إذا كان الخلق من غير شيء محالا ، فكيف خلق الله الأشياء من غير شيء؟
والجواب : ان هنا خلطا بين الشيء الخالق ـ هو شيء الأشياء ، وهو الذي شيّا الأشياء ، وبين الشيء المخلوق به ، ففرق بين الأشياء لو خلقت من غير شيء : دون خالق ، أو من غير شيء : بخالق دون مخلوق به ، : من لا شيء ، ثم لا نقول ، إنه خلق الأشياء من لا شيء ، بل لا من شيء ، فالمادة الأم خلقت لا من شيء كان قبلها ، وإنما بإرادة الله الذي خلق كل شيء ، ثم وخلق التراكيب التالية للمادة الام ، خلقها منها ، وهو خلق من شيء.
فقد يكون هنا شيء ليس إلا هو ، وهو الله قبل أن يخلق أي شيء ، وقد