(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) أصل النجم هو الكوكب الطالع ، ويستعمل اسما ، ومصدرا بمعنى الظهور ، يقال : نجم لي أمر : ظهر ولاح ، فقد يقصد بها كل ظاهر باهر ، ماديا كالشهب والنيازك النارية التي تهوي من جانب من السماء إلى آخر ، أم إلى الأرض ، ناحية منحى شياطين السماء أو الأرض ، وكالأجرام النورانية التي قد تهوي إلى الأرض ، وكما في أحاديثنا : أن نجما هوى في بيت الإمام علي (ع) تدليلا على خلافته بخبر مسبق (١).
أو معنويا كالقرآن المنجّم : النازل نجوما على قلب الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنه من أوقع مواقع النجوم ، لحدّ لا يقسم الله به لمزيد الاحترام : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ. لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٥٦ : ٧٩).
فنجم القرآن إذا هوى من سماء الوحي يصبح ناجما لائحا لأهل الأرض ، فقبل الهوي هو كوكب غير طالع ، غيب في علم الله.
وكالرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي أنزله الله وأهواه إلى أرض البشرية لكي يصاحب الضالين ويهديهم : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ
__________________
(١) امالي الصدوق باسناده إلى ابن عباس قال : صلينا العشاء الاخرة ذات ليلة مع رسول الله (ص) فلما سلم اقبل علينا بوجهه ثم قال : انه سينقض كوكب من السماء مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم ، فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي وخليفتي والامام بعدي ـ فلما كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره ، وكان أطمع القوم في ذلك أبي العباس بن عبد المطلب ، فلما طلع الفجر انقض الكوكب من الهوى فسقط في دار علي ابن أبي طالب (ع) فقال رسول الله (ص) لعلي (ع) يا علي! والذي بعثني بالنبوة لقد وجبت لك الوصية والخلافة والامامة بعدي ، فقال المنافقون : عبد الله بن أبي وأصحابه : لقد ضل محمد في محبة ابن عمه وغوى ، وما ينطق في شأنه الا بالهوى ، فأنزل الله تبارك وتعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ) يعني في محبة علي بن أبي طالب (وَما غَوى).
أقول : وروى ما في معناه الصدوق باسناده الى الصادق عن أبيه عن آبائه ومحمد بن العباس باسناده اليه (ع) قال قال رسول الله (ص) : وذكر مثله.