طالما كانت الرحلة المعراجية مدّ بصرها.
وإننا لنقضي عجبا من معداتها وآلياتها الموجية والضوئية! ترى أن شعاعا كشعاع الشمس ، وأربعون نوعا من النور ، ومليون لون ومحفة من نور ، وسبعون ألف زماما ، هذه المعدات العجيبة التي نجهلها ، أليس بالإمكان أن يعرج بمركبتها صاحب المعراج؟ وهو يملك أقوى من هذه الأنوار! وهو يعرج بارادة الله! أليس هذا بالحق؟ وهذا الإنسان الضعيف الهزيل يعد لنفسه سرعة أقوى من سرعة الضوء!.
ثم لو أغمضنا النظر عن هذه المركبة ومواصفاتها ، فهذه الرحلة الفضائية ، لو أغمضت على العلم تحليلا ، فالقدرة اللانهائية الإلهية تحلّلها ، ما دامت خارجة عن الاستحالة الذاتية ، وكما أن القرآن يذكر طرفا من السرعات الخارقة للعادة وغيرها من الآيات المعجزات ، التي قد يعجز العلم عن تحليلها ، دون أن يحيلها ، فقد يحللها وقد لا يحيلها إذا لا يحللها :
من ذلك عرش بلقيس ، إذ أحضره الذي عنده علم من الكتاب : «قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين .. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي» (٢٧ : ٤٠) وبما أن ارتداد الطرف يتحقق بأقل من ثانية ، فقبل ارتداده قد يكون أقل منها بكثير.
فإذا كان بإمكان الذي عنده علم من الكتاب أن يسرع هكذا ، فكيف للذي عنده علم الكتاب كله!.
ثم وأهم من سير العرش ، سير اليوم الربوبي في المعارج ، كما شرحناه فيها ، فواحد الزمان عند الله يحمل مسيرة خمسين ألف سنة ، وهذا الواحد حسب الأرض هو المناسب للحركة الأولى للمادة الأم ، ولعلّها أقل من ثانية بمئات المئات ، ثم الملايين الملايين من هذه الوحدات في بعض العوالم الأخرى ، قد تكون بمقدار