ثم وليس أولاء وهؤلاء على شرع سواء في الجزاء ثوابا وعقابا ـ بل :
(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) :
«ولكل» من الفريقين : صالحين وطالحين «درجات» : للمؤمنين حسب مراتبهم درجات ، ولغيرهم كذلك دركات ، وليست فوضى وبلا حساب وإنما (مِمَّا عَمِلُوا) : سعوا ـ في أعمال الإيمان وعقائده وأقواله ، في مثلث الإيمان درجات وكما في كل زاوية منه درجات ، كذلك وثالوث اللاإيمان دركات كما في كل زاوية منه دركات (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
وكما أن درج المؤمن والكافر في درجة واحدة ظلم ، كذلك درج كل من الفريقين في درجة واحدة ، رغم اختلاف درجاتهم : ظلم : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (٣ : ١٦٣) (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ. وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (٦ : ١٣٢).
ثم هنا درجات حسب الصالحات والطالحات (مِمَّا عَمِلُوا) وهناك درجات الاستعدادات ليست مما عملوا ، وإنما ابتلاءات من الله : (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) (٦ : ١٦٥) (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) (٤٣ : ٣٢).
وإنما الجزاء الحساب يوم الحساب حسب الدرجات مما عملوا ، لا ما خلقوا عليها بلاء وامتحانا ، مهما أملوا! كما وان من الدرجات هي العلى (فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى) (٢٠ : ٧٥) ومنها الدرجات الدنا التي هي دركات و (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) (٤ : ٤٠) (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٦ : ١٦٠).